القسطل، القدس - معركة السقوط

إسرائيل
1948

معركة القسطل معركة فاصلة في التاريخ الفلسطيني، وقعت خلال الفترة التي سبقت حرب 1948 (النكبة) مباشرة وكانت جزء التحركات العسكرية للعصابات الصهيونية في عملية نحشون، وغرة الخطة دالت، سقط فيها عبد القادر الحسيني أحد القيادات العسكرية المحلية في محاولة مستبسلة في الدفاع عن القدس. وقد جرت هذه المعركة بالقرب من قرية القسطل والتي تعتبر من مداخل مدينة القدس الإستراتيجية.

هي عملية عسكرية إسرائيلية هدفها كان إسقاط مدينة القدس بالكامل. ويقول بن غوريون في (بعث إسرائيل ومصيرها) ما يلي: "ما أن أطلّ شهر أبريل 1948 حتى كانت حربنا الاستقلالية قد تحولت بصورة حاسمة من الدفاع إلى الهجوم. لقد بدأت عملية نخشون باحتلال الطريق المؤدية إلى القدس حيث نقف الآن وكذلك بيت محيسير وتوّجت باحتلال القسطل التلّة الحصينة قرب القدس". 

إلا أن "عملية نخشون" لفك الحصار عن القدس في مطلع أبريل 1948 قد هزمتها المقاومة العربية وبقي طريق باب الواد إلى القدس مغلقاً إلى ما بعد دخول الجيوش العربية إلى فلسطين، وقيام قوات الإنقاذ بالهجوم على مشمار "هعيمك" مما أصاب "عملية نخشون" المذكورة بالشلل حيث أجبر الصهاينة على الامتناع عن زجّ احتياطاتهم في منطقة تل أبيب ـ حيفا في تلك العملية لمحاولة فتح الطريق إلى القدس اعتباراً من سهل عمواس ومدخل باب الواد بالإضافة إلى هجومهم الفاشل على قرية القسطل مفتاح الطريق من جهة القدس بقواتهم المتوفرة في هذه المدينة وقد قاموا بهذه المحاولة أكثر من مرة وخاصة في شهر مايو 1948 قبيل مجيء الجيوش العربية فحاولوا فتح الطريق المذكور من مدخله الأول اعتباراً من القدس ومن مدخله الثاني في باب الواد من جهة تل أبيب، وقد اضطروا إلى إشغال القوة الاحتياطية الخارجية في ردّ على الهجوم العربي على "مشمار هعيمك" وفي عمليات الهجوم الكبيرة التي شنّوها في مختلف الجبهات المحيطة قوات القاوقجي في المثلث جنين، نابلس، طولكرم.

بعد يومين شرعوا في استخدام طائرات التدريب لقصف القوات الفلسطينية المحيطة بالقسطل، بالقنابل. في 8 أبريل، استعاد المجاهدون الفلسطينيون القرية في معركة قتل خلالها زعيمهم، قائد منطقة القدس عبد القادر الحسيني. وتشير تقارير الهاغاناه إلى أنّ نفرًا من القادة اليهود قُتِل أيضًا أثناء الانسحاب. مرّت أيام من القتال العنيف قبل الهجوم الفلسطيني المضاد، الذي شنّ في الساعة الواحدة والدقيقة الثلاثين ظهرًا تحت غطاء من القصف المدفعي ونيران الرشاشات، حيث كتب مراسل صحيفة "نيورك تايمز": "لقد تسلّقوا المنحدرات الصخرية الوعرة الشديدة الانحدار وهم يطلقون صرخات الحرب". في الساعة الثالثة بعد الظهر دخلت قوة مؤلفة من عدة مجموعات من المجاهدين الفلسطينيين القرية. مع ذلك، فإنّ قوات "البلماح" استرجعتها بهجوم بدأ ليل 8-9 أبريل.

لمّا اقتربت القوات من القرية هذه المرة فوجئت بها فارغة، ذلك بأنّ المجاهدين الذين استردوا القسطل كانوا يشاركون في مأتم قائدهم الشهيد عبد القادر الحسيني في مسجد الصخرة، حيث طوقت قوات "البلماح" القرية ببعض الآليات المدرعة منعًا لوصول التعزيزات ثمّ شرعت في اقتحامها. تزامن هذا الهجوم مع المجزرة التي وقعت في دير ياسين التي لا تبعد أكثر من 5 كم عن القسطل. 

ورد في كتاب "تاريخ الهاغاناه": "وعادت القسطل ثانية وإلى الأبد إلى أيدي اليهود". ما أن استولت قوات "البلماح" على القرية حتى راحت تنسف منازلها، في سابقة تكررت في كل القرى التي احتلت في سياق عملية "نحشون"، عللت تسوية منازل القرية بالأرض بأنّها تسهل حماية الموقع، وتحول دون وقوعه ثانية في يد العرب. في سياق ذلك، ذكر المؤرخ الفلسطيني عارف العارف أنّ القوات الصهيونية دمرت أبنية القرية كلها، بما فيها المسجد الذي يضُم المقام. كما تؤكد رواية لصحيفة "نيورك تايمز" أنّ مسجد القرية دمر، غير أنها تشير إلى أن ذلك حدث في الشهر السابق، ليلة 16 مارس. ونسبت الصحيفة إلى عبد القادر الحسيني الذي استشهد دفاعًا عن القرية، قوله "إن تهديم المسجد يعتبر عمل شائن، وأنّ المسجد لم يستعمل قط إلّا للعبادة".

القرية اليوم

 يغطي المنحدرات الجنوبية والشمالية والشرقية للموقع ركام المنازل وأنقاض المصاطب الحجرية، التي كادت الأعشاب البرية تحجبها. وما زالت أنقاض القلعة القديمة قائمة على قمة الجبل. وقد أنشئ في الموقع ملجأ تحت الأرض جنوبي غربي القلعة. وتبدو الخنادق العسكرية شمالي القلعة وشرقيها. وتنبت أشجار الخروب والتين والزيتون على الطرفين الشمالي والغربي للموقع, بينما ينبت الصبار في طرفه الجنوبي. والموقع كله، بما في ذلك أجزاء من القلعة، أمسى مركزا سياحياً إسرائيلياً. في سنة 1951، أنشئت مستعمرة "معوز تسيون" على أراضي القرية. وفي وقت لاحق ضمت إلى مستعمرة "مفسيرت يروشلايم"، التي أسست في سنة 1956 على أراضي قالونيا، لتشكلا معا ضاحية القدس المعروفة باسم "مفسيرت تسيون".

 

صور

 مقاتلين في القسطل، ذاكرات (زوخروت),2021
Fighters in Al-Qastal, Memories of Zochrot, 2021
الأرشيف الرقمي- مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة
Fighters in Al Qastal, Digital Archives - Institute for Palestinian Studies