صفوريّة، قضاء الناصرة
عُرفت القرية بمقاومتها، وشدّة صمودها منذُ ثلاثينيّات القرن الماضي، أثناء الثورة الفلسطينيّة الكبرى، ويتبيّن من ذلك أن الخطّة التي أعدتها المؤسسة الصهيونيّة والعصابات المسلّحة لاحتلالها، تمّ وضعها بإحكامٍ شديد، وع ذلك يرى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس يشير أن القرية قاومت تقدم العصابات الصهيونيّة بصلابةٍ شديدة. وعلى هذا الأساس سويّت القرية بالأرض وطُرد سكانها.
وذكرّ أيضا أن القرية كانت تساند بقوة جنود القاوقجي أي جيش الإنقاذ العربي، وروى سكان صفورية، لاحقا الحوادث بصورة لا تتطابق تمام المطابقة مع الرواية الإسرائيليّة. فقد خبروا المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال أن ثلاث طائرات إسرائيلية قصفت القرية ليل 15 تموز (يوليو)، ملقية (براميل مشحونة بالمتفجرات والشظايا المعدنية والمسامير والزجاج). وقد قتلت القنابل نفرًا من سكان القرية وجرحت عدداً أخر، وهرب كثيرون غيرهم الى البساتين طلبا للامان. وصمد المجاهدون وقاتلوا كيفما اتفق. وقاتل كل منا بمفردهِ ودفاعًا عن نفسه. ولم يكن تنظيم ... وقاتل كل منّا بمفرده ودفاعا عن نفسه.
وانتهت المعركة عند الصباح، قرر كثيرون من الذين اختبأوا في البساتين أن يغادروا صوب الشمال، أو صوب الشرق. وروى سكان القرية أن نفرا قليلا مكث فيها، وأن أفرادا قليلين فحسب استطاعوا أن يعودوا الى القرية لأخذ متاعهم. لكن المصادر الإسرائيلية تذهب الى غير ذلك فمثلا، يقول موريس إن الذين مكثوا طردوا في أيلول/ سبتمبر 1948، وعاد المئات في الأشهر اللاحقة، بحيث أن السلطات اليهودية خشيت أن يؤدي بقاء المتسللين في مواضعهم الى أن يرجع عدد سكان القرية إلى ما كان عليه قبل الحرب، أي إلى 400 نسمة. يضاف الى ذلك إن المستعمرات اليهودية المجاورة لصفورية كانت تطمع في أراضي صفورية).
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1948، صرح أحد كبار المسؤولين عن الاستيطان قائلاً: ثمة في جوار الناصرة قرية... تحتاج مستعمراتنا إلى أراضيها البعيدة. ربما في الإمكان إعطاؤهم مكانا آخر. لذلك كما يقول موريس، وضع السكان بشاحنات في كانون الثاني (يناير) 1949, وطردوا ثانية إلى قرية عيلوط والرينة وكفر كنا. وفي بداية شباط/ فبراير، منح بعض أراضي القرية لكيبوتس "هسوليليم". ويقول موريس إن مستعمرتي "سدي ناحوم" و"حفتسية- باه" حصلت أيضا على أجزاء من أراضي القرية.
القرية اليوم
لم يبقَ إلا بضعة منازل في الموقع، منها منزل عبد المجيد سليمان ومنزل علي موجودة، أما باقي القرية تغطيها غابة من قِبل "الصندوق القومي اليهودي" (كاكال). ولا تزال قلعة ظاهر العمر ماثلة على قمة التل، وإن يكن بعض حيطانها قد تداعى. وثمة أيضا كنيسة للروم الأرثوذكس. وعلى الطريق الجنوبية، المفضية إلى القرية، ثمة كنيس لليهود كان مقامًا للمسلمين فيما مضى. وأسست مستعمرة تسيبوري الزراعية التي تبعد 3 كلم إلى الجنوب الشرقي من موقع القرية، على أراضي القرية في سنة 1949.