فرع المُخابرات الجويّة حلب
يقعُ فرع المُخابرات الجويّة في آخرِ شارع النيل، على مقربة من التّقاطع مع طريق الدّائري الشّمالي، في منطقةٍ من حلب، تمتازُ بمبانيها الجميلة وحديثة الطّراز حيثُ يقطنُ أغلبُ الأساتذة المُحاضرين في جامعة حلب ورجال الأعمال البارزين.
أُنشِئَ هذا الفرعُ في أوائل العام 2011، فتزامنَ، تقريبًا، وانطلاق المظاهرات المُناهضة للنظام القمعي. وكانَ هذا الفرع يقعُ سابقًا في حيّ الفيض المُجاور لنادي ضباط الصّف.
ويمتازُ رؤساء هذا الفرع بعلاقاتهم الشّخصية وثيقة الصّلة بالقصر الرّئاسي، ذلك نتيجة تولّيهم القيام بمهماتٍ تجريبيّة بحقّ المواطنين السّوريين.
جَميعُنا يذكر الحادث الّذي أُجبرت فيه نساءٌ حلبيات ودمشقيّات على خلع حجابهن على الملأ. فهذا الحادث هو من تدبيرِ فرعَي المخابرات الجويّة في حلبِ ودمشق، اللّذَيْن أفادَا القصر الرّئاسي، لحظةً لحظةً، بعواقب هذا العمل وذلكَ بغية تقييم ردّ فعلِ السّوريين عليه.
ويُعرفُ عن هذا الفرع، على غرارِ سائر الفروع الأخرى، وحشيّته في التّعذيب ومُبالغته في ممارسة الاعتقال التّعسفي بحقّ المواطنين السّوريين.
وأحيانًا ما يتمتّعُ هذا الفرع بسلطةٍ تُخوّله التّطاول على بعض القرارات الّتي يتّخذها ضبّاط القصر الرّئاسي، وذلكَ بعلمِ الرّئاسةِ ورضاها. فعلى سبيل المثال، أصدرَ القصر الرئاسي في دمشق أربع مذكرات إخلاء سبيل تقضي بالإفراجِ عن المُعتقل الدّمشقي، العميد الرّكن جميل عكّام، الّذي كانت قد ألقت عليه القبض إدارة المخابرات الجويّة. وعلى مدى أربع مرّات متتالية، امتثلَ الفرعُ لهذه المذكرات، وأخلى سبيل المعتقل المذكور، ليعيد اعتقاله فورَ نزوله إلى الشارع أمامَ بيته. وكان، في نهاية المطاف، أن لم يتلقَ الفرعُ أي ملاحظة من القصر الرّئاسي.
ويمتازُ هذا الفرع عن سواه من فروع المخابرات الجويّة، بمُقاربته الخاصّة في التعامل مع المعتقلين الّذين شارفَت محكومياتهم على الانتهاء. فمن النّاحية العمليّة، حينَ يدخل الموقوف السّجن ويقضي محكوميّته، يُنقلُ إلى العزل الانفرادي ويبقَى مُحتجزًا إلى حين صدور عفوٍ رئاسيّ وهو ما قد يستغرقُ خمس إلى عشر سنوات، تمامًا كما جرَى لآلاف الشّبابِ السّوريين – وتجدرُ الإشارة، هَهُنا، إلى أنَّ الأحكام الّتي تصدرها المحكمة الميدانية العسكرية تُعدُّ الأقسى والأصعب والأشدّ ظلمًا على الإطلاق. وفي أعقابِ أحداث العام 2011 وفي خضمّ الزّخم الّذي خلّفته، أدّى هذا الفرعُ دورًا شنيعًا للغاية، فقد أوقَف الآلاف من السّوريين، وأعدمَ الكثير منهم ثمّ ألقَى جثثهم في مقابر جماعيّة يكاد لا يخفى أمرها على أيٍّ من أبناءِ حلب. وأغلبُ تلك الجثث أُحرِقَ أو ذُوِّبَ، في حين لا يزال عددٌ كبيرٌ منها مجهولَ الأثر حتّى الآن. إلّا أنّ الفرعَ هذا قد نفى، في بداية الأمر، أيّ علاقةٍ له بالضّحايا.