الامن السياسي حلب

سوريا

تقعُ شعبة الأمن السّياسي في السّليمانيّة وهو حيٌّ في محافظة حلب، يقطنُه، في الأغلبِ، المسحيون ومتوسطو الحال. ويعودُ تاريخ إنشاء هذه الشّعبة إلى مطلع العام 2000 حين تسلّم بشّار الأسد مقاليد الحكم.

ولا تُعدُّ هذه الشّعبة سيئة السّمعة بقدرِ سواها من الشُّعب، ويُعزَى سببُ ذلكَ إلى إحكامِ شعبتَيْ أمن الدّولة والمخابرات العسكرية السّيطرة المطلقة على موارد المدينة ومعاقلها، فلا يبقَى منفذًا لدخولٍ شُعَبٍ أخرى إليها. وتنظرُ الشّعبتان آنفتا الذّكر إلى المواطنين، بشكلٍ عامّ، وإلى المُعتقلين، بشكلٍ خاصّ، على أنّهم جزءٌ من سيطرتهما وهيمنتهما على المدينة. ولعلَّ تهميش شعبة الأمن السّياسي جزئيًّا يعودُ إلى سبَبيْن، أوّلهما غياب اهتمام الرّئاسة، منذ أيّام حافظ الأسد وحتّى عهد نجله بشّار، بهذه الشّعبة وبموظفيها، وثانيهما هو طبيعة المهمات الّتي يُوكل إلى هذه الشّعبة إدارتها والتحقيق فيها.

وعلى الرّغم من ذلك، يبقى التعذيب الشدّيد الأداة الأكثر استخدامًا الّتي تعتمدها هذه الشُّعبة في ممارساتها السّيئة. ويُقالُ إنَّ الضّباطَ في هذه الشّعبة هم أقلّ وحشيّة وتعسّفًا مِنهم في شُعبتَي أمن الدّولة والمخابرات العسكريّة. ومع ذلك، فهي تُسيطرُ على جزءٍ كبيرٍ من حركة المجتمع المدني العامّة. فعلى أرضِ الواقع، يجبُ أن تمرَّ غالبية الصّفقات التجارية والخلافات الاقتصاديّة البارزة والتراخيص الممنوحة للمعامل والمنشآت الاقتصادية والتجارية الضّخمة بهذه الشّعبة كما يجبُ أن تحظى بموافقتها، وهو ما يعني، عمليًّا، أنّ الشّعبة هذه تستأثرُ بحصّةٍ كبيرة من رؤوس أموال هذه المنشآت وعائداتها على حدّ سواء.

وقد أدّت هذه الشّعبة دورًا محوريًّا في قمعِ التّمرّد الّذي قادَه الإخوان المسلمون في العام 1980. ثمّ اتّخذت الشّعبةُ دورَ القامع مجدّدًا خلالَ الأحداث الّتي اندلعت في سوريا في مطلع العام 2011 ولا تزال مستمرّة حتّى اللّحظة. فالتّحقيقات الّتي تُجرى في هذه الشّعبة سُرعانَ ما تؤول إلى بتر الأطراف والتّشويه. وعندَ مرور كلّ شهر، يُعدمُ، بدمٍ باردٍ، الكثير من المُعتقلين مِمَّن أخفقت الشّعبة في إدانتهم لعدم كفاية الأدلّة. وعلى مدى ثمانينات وتسعينات القرن المُنصرم، أوقفت الشّعبةُ واعتقلت عشرات الآلاف من الأفراد الّذين انتهى بهم المطاف في سجن تدمر سيء السّمعة، الّذي يُعدُّ واحدًا من معاقل التّعذيب الأساسيّة الّتي اعتمدَ عليها نظامُ الأسد الابن وعلى رأسه بشّار، وكذلك نظام الأسد الأب منذ العام 1970، بهدفِ استكمالِ حلقة الإرهاب وإحكام القبضةِ على السّلطة.