سجن الناظور
يقع السّجن على مرتفعات بنزرت، والتي كانت حتى بعيد الاستقلال إحدى أهمّ القواعد العسكرية الفرنسية.
وحتّى أواسط تسعينات القرن الماضي، كان هذا السّجن يسمّى بـ 'برج الرّومي'، ثمّ استبدل إسمه بتسمية السّجن المجاور له، والذي كان في الأصل ثكنة عسكرية فرنسية، حوّلت بعد الاستقلال إلى السجن الذي يسمّى الآن 'برج الرّومي'. كان هذا السجن في الأصل مخزنا للذّخيرة و مكانًا للحبس العقابي للجنود. في 1964 شُرِع في استخدامه كسجن، بدءا بنقل مساجين سجن 'كرّاكة غار الملح' إليه، وأضحى، بالنسبة لموقوفي الحقّ العامّ، سجن للمحكوم عليهم بمدد طويلة. في 1968 زُجّ بالمعارضين اليساريين والقوميين في هذا السّجن لعزلهم والتّنكيل بهم، ووضعوا في زنزانات منخفضة وقميئة وبالغة الرّطوبة اكتشفوا منها وجود سجناء قدماء من كرّاكة غار الملح في سراديب، أو أقبية أو كهوف تقع تحت زنازينهم. السجناء القدماء مصفّوين بالأغلال، بلا نور ولا نظافة ولا هواء متجدّد.
استمر استخدام السّرداب للعقاب والإذلال حتّى بداية تسعينات القرن الماضي. تواجد هنا الطلبة والنقابيون التجاريون وأتباع الأحزاب الإسلامية واليساريون.
تناولت روايات و مذكّرات هذا السّجن ووصفته وعلقت على عذاباته وآلامه التي المجربة هناك. لحوالي نصف قرن، كان هذا السجن رمزًا للقمع والتنكيل والتعسّف. بعد الثّورة فتح كهف برج الرّومي لمنظّمات المجتمع المدنيّ، وأقرّ رئيس الجمهورية السّابق مبدأ تحويل هذا السّجن إلى معلم للذّاكرة و الضّمير، غير أنّ هذا القرار لم يترجم عمليًا.