مجزرة محطة قطار أنقرة
شهدَ العام 2015 في تركيا انهيارَ عمليّة السّلام الّتي دارَت بينَ الحكومة التركيّة والحركة السّياسيّة الكُرديّة منذُ العام 2013. وما بينَ العامَيْن 2015 و2016، استهدفَت سلسلةٌ من التفجيرات المُتعاقبة المدنيينَ في الأماكن العامّة، واندلعت اشتباكاتٌ في الكثير من المحافظات والمدن في المنطقة الكُرديّة، ما أسفرَ عن وقوعِ المئات من الضّحايا.
وكانَت عمليّة السّلام قد أعلت سقفَ التّوقعاتِ والآمال بأن تُحلَّ المسألة الكُرديّة بالسّبل السّلميّة. ومن أجلِ الاعتراضِ على الإنهاء المُباغت لهذه العمليّة، دَعت النقابات العمّالية والتنظيمات المهنيّة إلى عقدِ "اجتماعِ العمل والسلام والدّيمقراطيّة" في أنقرة، وذلكَ يومَ 10 تشرين الأوّل/ أكتوبر من العام 2015. وقد قرّرَ الكثير من الجمعيّات الثقافيّة والفنيّة والأحزاب السياسيّة والمُنظّمات غير الحكوميّة حضورَ اجتماع السّلام هذا. وأثناءَ احتشادِ الأفراد أمامَ محطة قطار أنقرة للانضمامِ إلى الاجتماع، دوّى انفجاران مُتعاقبان، قُتِلَ إثرهما 103 أشخاصٍ وجُرِحَ 391 شخصًا آخرين، فسُجِّلَ، بذلكَ، الاعتداء الأشدّ بطشًا في تاريخ تركيا.
أُوكِّدَ القرار الاتهاميّ الأوّليّ في الاعتداء، يومَ 13 تمّوز/ يوليو من العام 2016. وقد نصّ القرار الاتّهامي على نَسْبِ الاعتداء إلى تنظيم الدّولة الإسلاميّة في العراق والشّام (داعش) وعلى أنَّ المُتّهمينَ هم مسؤولونَ أيضًا عن تفجير سروج الّذي وقعَ في 20 تمّوز/ يوليو من العام 2015 وذهبَ ضحيّته 33 شخصًا. وفي آب/ أغسطس من العام 2018، أُقِيمت جلسة الاستماع الأخيرة في القضية وحُكِمَ على 19 من المُدّعينَ عليهم بعقوباتٍ تتراوح من السّجن مُدّة سبع سنوات ونصف السّنة إلى العقوبة المُشدّدة بالسجن مدى الحياة.
أمّا بالنّسبة إلى الاعتداءات الإرهابيّة الأخرى الّتي وقعت خلالَ تلكَ الأعوام، فتُثارُ الشّكوك حولَ دور الحكومة في أعقابِ المجزرة. وفي هذا الصّدد، نشرَت وسائل إعلام المُعارضة ادّعاءات تفيدُ بأنَّ مديريّة شُرطة محافظة أنقرة قد أخفقت في اتّخاذ التّدابير الوقائيّة اللّازمة قبلَ عقد الاجتماع، وذلكَ على الرّغم من تلقيها معلومات مِن جهاز المُخابرات تَشِي باحتمالِ وقوعِ تفجير. وقد أخبرَ الضّحايا وشهود العيان وسائل الأعلام بأنَّ الشّرطة بدأت باستخدام الغاز المُسيّل للدموع بُعيدَ دويّ التّفجيرَيْن، ومنعت سيارات الإسعاف من شقّ طريقها إلى المُصابين. وتجدر الإشارة إلى أنَّه ما مِن إجراءٍ قانونيّ اتُّخِذَ من أجل التحقيق في الإخفاقات المُحتملة الّتي وقعَت فيها القوى الأمنيّة قبلَ دوي التّفجيرَين وبعده.
ومنذ العام 2015، تعترضُ تحديّاتٌ جمّة الجهود المبذولة من أجلِ تخليد ذكرى مجزرة العاشر من تشرين الأوّل/ أكتوبر. إلّا أنّه، في العام 2019، مُنِعَت إقامة الاحتفالات بذكرى العاشر من تشرين الأوّل/ أكتوبر أمامَ محطّة القطار في أنقرة، وأطلقت الشّرطة الغازَ المُسيّل للدموع لتبديد الجُموع. هذا وكانت مُحاولات تخليد الذّكرى المُعلّقة على الأشجار تُزالُ دومًا. وبعدَ طولِ انتظار، يُفترضُ أن يُعاد تصميم ساحة المحطّة، الّتي سُمّيت ساحة الدّيمقراطية، في العام 2022، وهي ستحتضنُ 101 شجرةً ذكاريّة تُخلّد الضّحايا الّذينَ سقطوا فيها.