مجزرة روبوسكي

تركيا
28 كانون الأوّل/ ديسمبر من العام 2011

ارتُكِبَت مجزرة روبوسكي في 28 كانون الأوّل/ ديسمبر من العام 2011، في قريةٍ صغيرةٍ مُنعزلةٍ تقعُ على جبلٍ عندَ الحدود التركيّة العراقيّة. فقد أدّى قصف الطّائرات والمدفعيّات التركية إلى قتلِ 34 مواطنًا كرديًّا كانوا يُشاركون في عمليات التهريب. وكانت المخابرات الأمريكيّة، في 28 كانون الأوّل/ ديسمبر، قد حذّرت القوات المُسلّحة التركيّة من اجتيازِ مجموعةٍ مُشتبهٍ بها الحدودَ باتّجاه الأراضي التركيّة. وما كانت سوَى ساعاتٍ معدودات حتّى ردّت القوات المُسلّحة التركيّة بقصفِ المجموعة المُشتبه بها. وبحسبِ مسؤولينَ حكوميين، فإنَّ المُهرّبين المُستهدفينَ احتُسِبُوا خطأً مقاتلينَ مُسلّحين أكراد منتمينَ إلى حزب العمّال الكردستاني. 

إنَّ المجموعة الّتي استُهدِفَت على أنّها عددٌ من المُقاتلينَ، كانت، في الحقيقة، تتألّفُ من مُهرّبين مدنيين، يبلغُ عددهم 38 رجلًا وطفلًا، بالإضافة إلى 50 بغلًا كانوا يستخدمونها في ذهابهم وإيابهم المُعتاد عبرَ الجبال من أجلِ بيع ما يُهرّبونَه من سجائر ووقود في السّوق السّوداء المُجاورة. وكانَت غالبيةُ الضّحايا من الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بينَ 13 سنة و18 سنة، والمُتحدّرِينَ من قرية روبوسكي الواقعة في محافظة شرناق في تركيا. وكانَ مواطنو روبوسكي يسلكونَ طريقًا لطالما كانَ المُهرّبونَ يعبرونه خلالَ القرن المُنصرم. هذا وكانَ مركز الشّرطة العسكريّة التّركيّة المحليّ يعرفُ أُسرَ المُهرّبين حقّ المعرفة، لأنّهم كانوا على تواصلٍ جيّدٍ مع حرّاس القريّة المحليّين الّذين يعملُون لصالح الحكومة التركيّة، وذلكَ من أجلِ الحصول على معلوماتٍ عن أيّ عمليّةٍ عسكريّة مُرتقبة. لكنَّ أيّ تحذيرٍ لم يُطلق في تلكَ اللّيلة. 

وحينَ وصلَت أنباءُ المجزرة إلى فرع مُنظّمة حقوق الإنسان التّركيّة القائم في مدينة ماردين، قصدَ ناشطونَ في مجال حقوق الإنسانِ موقع الجريمة في ساعات الصّباح التّالي الأولى، وذلكَ من أجلِ جمع الأدلّة اللّازمة. وقد كانَ العملُ هذا أساسيًّا في تسجيل الشّهادات ودعم أبناء القريّة والتّعبئة في سبيلِ العدالة. وسُرعانَ ما اجتاحت المُظاهرات أنحاء تركيا، ولا سيّما المُدن الكُرديّة، وذلك من أجلِ المُطالبة بإجلاء الحقيقة وسَوْق المسؤولينَ عن الجريمة إلى العدالة. 

ولسوء الحظ، أسفرَ المسار القانوني عن طمسٍ نهائيّ للحقيقة حولَ واحدةٍ من أفظعِ المجازر الّتي شهدها تاريخُ تركيا، ولم يُنظَر في الادّعاءات الّتي قدّمها المُدّعونَ نظرًا جدّيًّا. فقد أُحِيلَ إجراء التّحقيق إلى ديار بكر لأنَّ مكتب المدّعي العامّ العسكريّ للقوّات المُسلّحة التركيّة قرّرَ رفضَ الاختصاص المكاني الأوّليّ في 12 حزيران/ يونيو من العام 2013. وبعدَ أن أسفرَ هذا الإجراء عن قرارٍ يقضي بعدمِ المُلاحقة القضائيّة، أُحِيلَ إلى المحكمة الدّستوريّة، لكنَّ الدّعوى أُسقِطَت على أساسِ عدم تسليم الوثائق إلى التوكيل في الوقت اللّازم (26 شباط/ فبراير من العام 2016). ثمّ أصدرت المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان قرارَها بعدم قبول النّظر في الطّلب المُقدّم في شأنِ مجزرة روبوسكي، وذلكَ على أساسِ أنَّ رفعَ طلبٍ منقوصٍ ومتأخّرٍ إلى المحكمة الدّستوريّة يُعدُّ "عدمَ استنفادٍ لسبل الانتصاف المحليّة". (17 أيّار/ مايو من العام 2018). 

يُقيمُ المُدافعونَ عن حقوق الإنسان والناشطونَ من أجلِ السّلام حفلاتٍ تذكاريّة عندَ حلولِ يوم 28 كانون الأوّل/ ديسمبر من كُلِّ عامّ، كما يُقيمونَ أنشطةً مختلفة للتذكير بمجزرة روبوسكي، وذلكَ من خلالِ إجلاء الحقيقة حولَ انتهاكات حقوق الإنسان المُرتكبة بحقّ مواطنينَ محليينَ، ودعم النّاجينَ في سَعيهم إلى نَيْل العدالة، بالإضافة إلى المُؤازرة في تعميمِ السّرديات البديلة. 

 

لقطةٌ مأخوذة من روبوسكي، 23 آذار/ مارس من العام 2015، روبوسكي، موقع جريدة Agos
لقطةٌ مأخوذة من روبوسكي، 23 آذار/ مارس من العام 2015، روبوسكي، موقع جريدة Agos