مباحث أمن الدولة بمدينة نصر (المقر الرئيسي)
الضباط هنا يُختارون بعناية؛ إذ يجب أن يكون لهم ولاء للنظام الحاكم، والغرض الأساسي منهم حمايةُ النظام وبقاؤه، ولو على حساب المواطنين. ونتيجةً لمبادرة د. سعد الدين إبراهيم لمراقبة الانتخابات وكشف تزويرها، وكذلك مقاطع فيديو عن الكمِّ هائل من الانتهاكات بها، ألقت مباحث الأمن الوطني، منتصف ليل الجمعة 30 يونيو 2000، القبض على د. سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس إدارة مركز مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، من منزله بضاحية المعادي بالقاهرة، ومصادرة بعض الأوراق والوثائق الخاصة.
واقتحموا أيضًا مقر مركز ابن خلدون بمنطقة المقطم بالقاهرة، وصادروا مجموعة من الملفات والمستندات وأجهزة الكمبيوتر، وألقوا القبض كذلك على المحاسبيْنِ نادية محمد عبد النور (سودانية الجنسية)، وأسامة حماد. وأيضًا ألقوا القبض على نادر جوهر (صاحب شركة فيديو)، وعُرضوا جميعًا على نيابة أمن الدولة العليا صباح يوم السبت 1/7/2000، إذ وجهت النيابة للدكتور سعد الدين إبراهيم مجموعة من الاتهامات، تتضمن تلقِّي أموال من الخارج دون الحصول على إذن من الجهات الرسمية بالمخالفة لقرار الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1992، والاشتراك مع آخرين في إعداد كشوف وبطاقات انتخابية مزورة، والاستيلاء على مبالغ مالية لإعداد وإنتاج فيلم عن الانتخابات يسيء إلى سمعة مصر في الخارج، ويضر بالمصلحة القومية، وإشاعة وبث دعايات مثيرة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
وفي حين أخلت النيابة سبيل كل من أسامة حماد ونادر جوهر، قررت حبس الدكتور إبراهيم سعد الدين والمحاسبة نادية عبد النور 15 يومًا على ذمة التحقيقات. وأمرت كذلك بضبط وإحضار كل من: ممدوح منصور وخالد فياض وأيمن جبل، العاملين بمركز ابن خلدون.وفي الوقت الذي تُعد فيه أسباب واقعة القبض على الدكتور سعد الدين إبراهيم سياسية ذات صلة بانتخابات مجلس الشعب الماضية، فإن واقعة اقتحام مركز ابن خلدون هي السابقة الأولى من نوعها، وكانت بداية لسلسلة جديدة من الهجمات على مؤسسات المجتمع المدني المصري. أما الدكتور سعد الدين إبراهيم، فقد سُجن ثم بُرِّئ لاحقًا.