تاكونيت
في منطقة تشكل فجاً واسعاً ينفتح على الصحراء جنوب مدينة ورزازات، يعني خط الدفاع الأول صوب الشرق والجنوب. كانت نباهة التخطيط الاستراتيجي الفرنسي والمحلي (الباشا الكلاوي) على بناء قصبات أو قصور هي أشبه بالثكنات العسكرية منذ نهاية العشرينات من القرن الماضي، لإحكام السيطرة الكولونيالية، وخاصة على قبائل آيت عطا، ولجم مقاومتهم التي استمرت إلى أواسط الثلاثينات من نفس القرن، في منطقة غنية بثرواتها المعدنية والمكونة بشرياً من خليط من القبائل ذوي الأصول المختلفة والتي كان من المفروض، ضمن استراتيجية الإخضاع أن تقام مراكز مراقبة ونفوذ ، والتحكم في المركبات القبلية والبشرية في المنطقة.
تكونيت إذن، هي إحدى القصور-القصبات التي بُنيت على الطريقة التقليدية للمنطقة، لكن شكلها الهندسي يوحي بعالم الأبهة، بأقواسه وأسواره العالية (5 أمتار) وزخارفه… بداخله توجد ساحة فسيحة . استعمل القصر-القصبة ، بداية، من قبل الجيش الفرنسي وجيش التحرير المغربي ثم الجيش الملكي، خلال الحرب الحدودية المغربية – الجزائرية، المعروفة بحرب الرمال. استعملته فيما بعد القوات المساعدة، ولا زالت مشرفة عليه حتى الآن.
أول مجموعة تم حجزها في هذا المكان هي المعروفة ب “مجموعة الدار البيضاء” وتتكون من 215 شخصاً. اعتقلت ما بين شهر دجنبر 1971 وبداية مارس 1972. وتضم هذه المجموعة عدداً من المشردين والمتسولين كما تضم تلاميذ ومستخدمين، تم اعتقالهم من الشارع أو من أحد الأماكن التي كانت تأويهم ليلاً. كانت أعمارهم تتراوح بين 14 و 70 سنة.
تم احتجازهم بمركز بالحي الحسني بالدار البيضاء قبل أن يتم نقلهم، على دفعتين إلى مركز تاكونيت. الدفعة الأولى المتكونة من 140 شخصاً، نقلت بتاريخ فاتح يناير 1972. ثم دفعة ثانية تكونت من 75 شخصاً تم نقلها خلال شهر مارس 1972. دامت مدة الاحتجاز ما يناهز 28 شهراً، فتم تنقيل من تبقى منهم على قيد الحياة إلى ثكنة القواة المساعدة بشارع الجيش الملكي بالبيضاء خلال شهري أبريل وماي 1974 ليُفرج عنهم في شهر يونيو من نفس السنة، حسب تقرير هيأة الانصاف والمصالحة. أما المجموعة الثانية فتكونت من 14 شخصاً، منهم 13 رجلا وامرأة واحدة، تم احتجازهم في إطار أحداث مارس 1973 في الفترة ما بين ماي 1974 (بعد الافراج عن مجموعة الدار البيضاء، وقد كانوا قبل ذلك محتجزين بمطار أنفا المعروف ب “الكوربيس”، حيث قضوا 11 شهراً)